الإيجابية المسمومة
ترجمة : أ. ريـم جميل عبدالرزاق
لا تنظر دائمًا إلى الجانب المشرق تعامل مع مشاعرك بدلًا من ذلك
نلاحظ في عصر وسائل التواصل الاجتماعي أن كثيرًا من الأصدقاء وأفراد العائلة ينشرون في صفحاتهم "موقف إيجابي" أو لديهم "نظرة إيجابية عن الحياة" طوال الوقت! لا ننكر أن التفاؤل أمر مهم ولكن يجب أن نتقبل مشاعرنا السلبية أيضًا بقدر الإيجابية، أعلم أن الأمر مفاجئ إلى حدٍ ما! إن لم يكن كليًّا.
تشير عبارة "الإيجابية المسمومة" إلى الحفاظ على الإيجابية فقط وأنها الطريقة الصحيحة لتعيش حياتك وتركز على الإيجابية وترفض أي أمر يثير مشاعرك السلبية، يبدو الأمر جيدًا؛ أليس كذلك؟ لا ليست إلى هذا الحد.
عند إنكار أو تجنب المشاعر السلبية فإنك تمنحها فرصة للتضاعف، إنك تخبر نفسك بعدم حاجتك للاهتمام بها بالرغم من انحصارك داخلها؛ والنتيجة هو تفاقم خطورة الموقف أكثر ولكن لحسن الحظ أن هذا الأمر لا يستمر كثيرًا فنحن البشر لا نستطيع أن نبرمج أنفسنا على الشعور بالسعادة فقط.
تفقد معلومات قيمة خلال محاولتك لتجنب المشاعر الصعبة؛ أي عندما تكون خائفًا تخبرك مشاعرك بأنك تعلم وضعك الراهن وعلى دراية تامة بذلك، المشاعر هنا بحد ذاتها معلومات تنبهك بما يحدث لك في كل لحظة ولكنها لا تخبرك بما يجب فعله أو كيفية الرد، فلنفترض أنك تخاف من الكلاب ووجدت كلبًا يقترب من الرصيف الذي تقف عليه؛ يعتبر الكلب في هذه الحالة يشكل تهديدًا وتبدأ بالشعور بذلك الأمر لكن بعد ذلك أنت من يحدد ما إذا كنت ستتفادى الكلب أو تواجهه.
عندما لا يهتم الناس بمشاعرهم السلبية سيصبحون أقل تقبلَا بين الناس ولا يعتمد عليهم كثيرًا لأنهم يمنحون الآخرين انطباع أنهم لا يواجهون أي مشكلة في حياتهم، هم ذاتهم من يراهم الناس معقدين ويترددون في الارتباط بهم. تخيل معي أنك تحاول أن تقيم علاقة بشخص يتجاهل الحزن والقلق!
ما الحل إذًا؟
يساعد تقبل المشاعر الصعبة في التغلب على آثار المشاعر السلبية وتخفيفها، فكر في مدى شعورك بالرضا عندما تتحدث عن يوم قضيته بصعوبة مع شريكك أو والدك أو صديقك، إن التخلص من المشاعر المتكبدة في قلبك بما فيها المشاعر السلبية أشبه برفع حِمل ثقيل من على كتفيك؛ حتى لو كان الأمر أكثر صعوبة من التظاهر بأن كل شيء على ما يرام.
المشاعر لا تنطوي على أنها إما جيدة أو سيئة فقط أو إنها إيجابية أو سلبية فقط، بل إنها تمامًا كالآتي؛ تساعدنا مشاعرنا على فهم الأحداث والأشياء؛ فإذا كنت حزينًا لأنك تركت وظيفتك فهذا يعني أن تجربتك لها معنى قيم والأمر ذاته لو كنت تشعر بالقلق تجاه عرض تقديمي فربما يعود ذلك لإدراكك بمدى أهميته.
المشاعر ليست مجرد وسيلة لتوضيح ما يحدث لنا؛ بل إنها تنقل معلومات عنا إلى الناس من حولنا، فعندما يظهر عليك الحزن ستشعر بالارتياح بعدها وعندما يظهر الشعور بالذنب ستسعى للغفران.
بالرغم من أننا نؤمن بأهمية النظر إلى الجانب المشرق من الأشياء وإيجاد الفرح في جميع تجاربنا الحياتية، إلا أنه من المهم أيضًا أن نعترف بمشاعرنا الصعبة وننظر إلى الرسالة التي تحملها في طياته، لا يمكن لأحدٍ أن يكون مشرقًا مثل الشمس طوال الوقت! فهذه ليست من السمات البشرية، بالإضافة إلى أن الاهتمام بحل أزمات المشاعر الصعبة تساعد على فهم الذات وفهم من حولك.
د. كونستانتين لوكين
مصدر المقال باللغة الإنجليزية
psychology today
ترجمة تطبيق مساعد الأخصائي النفسي